الحريري لم يعدْ مُجدياً
الحريري لم يعدْ مُجدياً
الأستاذ يونس يونس
لم يعُدِ الحريري خياراً يُعدُّ به عند الأميركي كوسيلة ضغط على المقاومة أو حزب الله من خلال السلطة التنفيذية التي لم يبقَ سواها يعوّلُ عليها بالتّضييق عليها في مسارها القانوني والشرعي..
فلطالما كان الحريري المهادن والمساوم مع قيادات المقاومة الوطنية رغم عداءه العميق لسوريا، فتخرج المقاومة منتصرةً بعد تشكيل حكومات الحريري وكلّ الحكومات المتعاقبة لتحصل على الشرعية الوطنية وبتأييد شعبي يبرّرُ وجودَها بعد مماحكات سياسية هنا وهناك..
هذا الرئيس الوريث الذي صنّفته المملكة العربية السعودية بالضّعيف والتي حاولت سابقاً التخلّصَ منه محاولةً استبداله بأخيه بهاء قبل أن يتبيّن لها بعد ذلك عدم تجاوب الشارع السنّي للرغبة السعودية.. أصبح الآن مكسرَ عصا للجميع حتى الحلفاء، ومصدر استعطاف من قبل الخصوم وخاصة قيادة المقاومة وفخامة الرئيس ميشال عون الذين أنقذوه سابقاَ من سجن الريتز وحالياً اصرارهم على تسميته كرئيس توافقي للحكومة اللبنانية منذ بداية الحراك الشعبي وحتى البارحة..
لم يعدْ لسعد الحريري القدرة على السير في المخطّط الأميركي الذي يهدف الى الفوضى الخلاّقة كتعبير عن انزعاجه من مواقف رئيس الجمهورية الداعمة للمقاومة كما انزعاجه وخوفه من زعيم التيار الوطني الحر الذي يملك أكبر تكتل مسيحي وتمثيل نيابي وأيضا فيما يخصّ زيارته لسوريا الأسد وذلك لفتح أبواب الحوار والتلاقي ..
الأميركي والسعودي .. كلاهما لم يعد يكفيهما عداوة سعد وما يقوم به من تجاذبات سياسية ومهادنات داخلياً أصبح معروف نتائجها ولصالح من.. بحيث أن الاثنيْن يعتبران أن هذه المرحلة هي مرحلة التخلّص من السلاح الذي يُرعب أميركا وأطفالها إسرائيل وبعض دول الخليج العربي خاصة بعد اكتشاف الغاز في المياه الإقليمية اللبنانية والذي يشكل خطراً في حال وضعت المقاومة او حلفاؤها يدها على هذا الكنز والحلم ..
الاميركي الأن هو بحاجة للبطل الذي سيلعب دور المستشرس الرافض كل أشكال المساومة والرضوخ امام المقاومة الوطنية التي جعلت اسرائيل تعدّ ألف مرّة قبل ان تفكّرَ بالقيام بأي عمل عسكري ضدّها.. بحاجة الى رجل حاقد على المقاومة كحقد أشرف ريفي وفارس سعيّد على سبيل المثال..
ولكن ما يهمّ السياسة الأميركية اليوم هو أن لا يذهب تعبُها هباءاً منثورا فيما قدّمته لما يُسمى بالثورة وقاداتها من دعم مادي ولوجيستي ومعنويّ للبقاء في الشارع أطول فترة ممكنة مع مراعاة التضييق على الناس وارزاقهم، وإشعال الفتن من وقت لآخر حسب الحاجة.. والتلاعب بصرف الدولار والتحكم به من خلال التعليمات المعطاة .. والأهم من ذلك هو رفضهم لحكومة يتمثل فيها كل الأحزاب خاصة حزب الله.. والإصرار على حكومة اختصاصيين توافق عليه الثورة.. وهذا مُحال مُحال..
المشهد القادم يتمثل بمشهدين: إمّا حكومة مواجهة أبناؤها من رجالات الوطن أصحاب الركاب القوية التي ستقف في مهب الرياح الأميركية العاتية مع اعتماد وسائل الصبر والتحمل..
والمشهد الثاني البقاء على ما هو عليه .. فوضى عارمة .. وشارع مقابل شارع .. واحتقانات مذهبية.. وخلافات حادة هنا وهناك.. واقتتال ونهب وغلاء واحتكار.. ووضع أمني مهزوز..
إ. يونس يونس
١٨ كانون اول ٢٠١٩