ملاحقة كانغورو في بيروت
“ليبانون ديبايت” – روني ألفا
كانغورو وجِمال تحت سقف أوستراليا واحدة. يُرمى الجَزَرُ والبطاطا الحلوة للكانغورو عبر الطوّافات. يصلّي له الأوستراليون لتنجو صغاره من الحرائق. يطعمونه حتى لا ينفَق جوعاً. الكانغورو رمزُ أوستراليا وفَخرُها. في المقابِل آلافُ الجِمال في الغابات نفسِها ستموتُ قنصاً من الطوافات. تهمتُها أنها تشربُ كثيراً. أشارَ الخبراءُ أنها مصدرٌ لغازِ الميتان. تبثُّ من أسفلِ بَدَنِها ثاني أوكسيد الكربون وتلوِّثُ الهواء. مئاتُ القناصين في الساعاتِ المقبلةِ سيتولّونَ المهمة. ستُترَكُ جِيَفُ الجِمالِ شهوراً لتتحلّلَ تحت الشمس قبل أن أن يتمَّ دفنُها. الجَمَلُ عربي. قنصُه حَلال. منذ مدة غير بعيدة قنصَ أحدُهُم أربعمئة مليار دولار من دولة عربية. نحن شعوبٌ معدَّةٌ للقنص. أحلامُ البطاطا والجزَر ليست أحلامَنا.
اعلان
كَم نصيحة ستموتُ في أوستراليا؟ كلُّ نصيحةٍ بِجَمَل. ماتَ الناصِحونَ عندَنا. انتَحَروا يأساً من حماقَتِنا. كلُّ واحِدٍ مِنّا يعتقد أنه ناصِح. بقيت الجِمالُ. حدباتُها مقوّسةٌ ومروّسة. مثلُ حدباتنا نحنُ البشر. نرى حدباتَ الآخرين. إذا ما رأينا ما تحمِلُه ظهورُنا لمِتنا من الهمّ. لكننا شعبٌ بلا دَمّ وبلا هَمّ. دماؤنا تبرّعنا بها للزعيم. همومُنا تبرَّع بها الزعيم لنا.
آخرُ همومِنا الدولار. سيلامسُ عتبةَ الثلاثة آلاف ليرة غداً بناءً على تقدير الخبراء. نتابعُ كيف يلامسُ الدولار عتبتَه الجديدة تماماً كما نتابعُ كيف يلامسُ الثلجُ عتبةَ الألف متر أو أدنى. نحن شعبٌ يعشقُ الملامسة. عِنْدَ كلِّ عتبةٍ نتلامس. والعتب مرفوع والدين ممنوع والتوفيق من عند الله!
بالتوفيق دولةَ الرئيس دياب. تِكنو. تِكنو سياسة. تكليفٌ كان مدعوماً. صارَ معدوماً. جنازةٌ لائقةٌ ربما تُحضّرُ للرئيس المكلَّف تليقُ بصمتِه وعفَّتِه. مراسِمُ وداعٍ رسميةٍ ستواكِبُ فقيدَ الجامعة الأميركية. مِن غير المؤكد عما إذا كانَت دارُ الإفتاء ستؤمُّ الصلاةَ عن روح الفقيد. عسى دياب لم يقدِّم إستقالته من مركزه الأكاديمي في بليس. سيكونُ عليه والحالةُ هذه أن ينضمَّ إلى ” الثورة ” مطالباً بفرصةِ عملٍ أسوةً بآلاف العاطلين عنه في بلدنا. دياب يموتُ قنصاً في حرائقِ السياسةِ اللبنانية. عودةٌ ميمونةٌ للمّ الشمل. عباءةُ الرئيس الحريري تتسعُ للجميع. أخيراً ستحتفلُ الميثاقيةُ برجوعها سالمةً إلى بيتِ ذَويها. عادَ الرئيسُ القوي إلى مفرداتنا. الحمد لله.
الأقوى يبقى الرئيس الأميركي. صار يغرّد للشعب الإيراني باللغة الفارسية. تغريدةٌ لافتة تُظهِر تقدّماً ملموساً في فارسية ترمب. كانت مفرداته بسيطة. مِن قبيل ” خوش آمديد “. صارت اليوم جُمَلاً مفيدة. مِن حسنات الصراع الأميركي الإيراني في المنطقة التقارب اللغوي. برامج عديدة تدّعي تعليمنا لغة أجنبية في غضون أسبوعين. ترمب رئيسٌ نجيب. تعلّم الفارسية بدقائق معدودة. سيحتاج لها ربّما على طاولة المفاوضات. في المقابل تقصير بريطاني في فك طلاسم اللغة الفارسية. سفيرُ دولةٍ عُظمى معتمدٌ في إيران يتظاهرُ ضدها. إعترافٌ بالنظام ورفضه في آن معاً. لا يوجدُ في أي لغة في العالم كلمة توصّف هذا الخليط الغريب. البحث جارٍ في اللغة الهيروغليفية. ربما.
يبقى الأهم أن طريقَ ترشيش زحلة سالكةٌ بالإتجاهين. مسألةُ دفع إشتراك لبنان في الأمم المتحدة أمر ثانوي. السجالُ بين وزارتي المالية والخارجية سينتهي كما في أوستراليا بإطعام الكانغورو . نحن كانغورو الوطن المحروق. توَزَّعُ علينا صحاحيرُ البطاطا والجَزَر. نحمد الله أننا لم نلقَ مصير الجِمال. من حسن حظِّنا أننا لا نهرِّبُ عبر أبدانِنا غاز الميتان. كلُّ مخارِجنا المرئية وغير المرئية مبشّمة بخوازيق.