حسان دياب ومعجزة تكاثر السّمك
حسان دياب ومعجزة تكاثر السّمك
الاحد 22 كانون الأول 2019
“ليبانون ديبايت” – روني ألفا
نقّبنا كثيراً عن ذَهَبِ الإنتفاضة الشعبية. كتبنا في جَنينِها ما يكفي لِطبع مليون قبلة إفتراضيّة. بارَكنا حَبَلَها وأمددنا أمَّها بكل المغذّيات. حَرِصنا ألا يكون حبلُها خارج الرّحِم. كان إنتفاخ بطنِها المبارك تجسيداً لكل أحلامِنا المضرَّجة بِدَم الصّبر. جِعنا وأطعمناها إلى أن ” جاءت معذِّبتي “. بدت وكأنها طفلة مثل القمر. سريعاً رفضت أمومتنا وطردتنا من بيت إنتفاضَتِها. صادَرتها قنابل المولوتوف والعصي. حصدت كل جوائز المذهبية والمناطقية.
ها هو الرئيس المكلَّف يستقبلها في بيته. حسن ضيافة من جانبه. من جانبها حَرَد. كل من يقابل حسّان دياب بات يُصنّفُ في فصيلة الولد العاقّ. ” ثورة ” تريد إستدراج الرئيس المكلَّف إلى ساحة عامّة ومحاكمة عرفيّة. هناك تُحضِّرُ له ” هيلا هيلا هو ” من كعب الدِّست. ستخترع له أي تهمة. ليس المهم في عرفِها إيجاد الحل. الأهم إيجاد التّهمة.
ثمّة قرار بنقل العتاد الثوري إلى العاصمة. لا عروسة الثورة الفيحاء ولا عروسة البقاع تفيان بالغرض. بيروت ستكون في المرحلة المقبلة ستالينغراد ” الثوّار “. عريضة تُحَضَّر في هذه الأثناء تُعدّدُ شروط التأهيل للحكومة. المطلوب وزراء تمّ إنجابهم بتقنية الحَبَل بلا دَنَس. مع هالة مضيئة حول جِباهِهم. حتّى ” الثوّار ” لا يمتلكون هذه النِّعَم الإلهيّة.
مهمّة ربّانيّة تنتظر حسّان دياب. سيكون عليه الإستعانة بكلّ الأنبياء والرّسل في الديانات السماويَّة. ” الثوار” ينتظرون منه إجتراح معجزة تكاثر السّمك للفقراء والمعوزين. شجاعة إستثنائية للرئيس المكلَّف في مواجهة هذه المهمة الرسولية. حسّان دياب يُحَمّل كل خطايا الجمهورية الثانية. لم يحدث في تاريخ ثورة أن تأكل ناسَها كما يتم أكلُهُم في لبنان.
في حال الإنتفاضة راهِناً. تحوُّلٌ من صرخة شعب إلى صرخة جمهور. ميثاقيّة ” الثورة ” انتهت. بعد انسِحاب ” شعب ” جلّ الديب والذوق والشفروليه صارت ” ثورة ” الطريق الجديدة والبداوي وكورنيش المزرعة. بعد انحسار ” شعب ” الخندق والشياح والنبطية صارت ” ثورة ” سعدنايل تهتف بالعودة إلى زمن الأشخاص. حاول الرئيس الحريري تصويب البوصلة بالتّغريد. تويتر لا يصنع معجزات. الإسراع في تشكيل الحكومة أكثر إلحاحاً من التكليف. في جعبة حسّان دياب الكثير من الأحلام. أحلام وطنيّة شاهقة قد تتحوّل إلى كابوس مذهبي إن لم يهمّ بالتّشكيل اليوم. اليوم اليوم وليس غداً.
ماراتون بين عدّاء مكتوب على قميصه إنفجار طائفي وبين عدّاء مكتوب على قميصه إنفراج وطني. لا بديل عن حسّان دياب. في صحرائنا السياسية رَسَونا على واحة فيها نخيل عربي وسجّاد إيراني وهامبرغر أميركي. واحة يستقبلنا فيها حسّان دياب. كل ما هو مطلوب أن نورِد إبلَنا بالإتجاه الصّحيح. من دون ذلك ستأكلنا رمال الصّحراء ورياح الخماسين.
سيفتّش الرئيس المكلّف عن نظفاء الأكفّ. سيمتحن عرق الجبين فيهم أولاً. ليس المطلوب وزراء من دون هوى سياسي. المهم ألا يأتمرهم أحد سوى الضّمير. تنسى ” الثورة ” أن حكومة الرئيس دياب ستعود إلى مسقط رأسِها. إلى المجلس النيابي. إلا إذا طلب ” الثوار ” إعطاءها الثقة في ساحة رياض الصّلح. عندها على لبنان السّلام.
نصيحة شبه أخويّة. القراءة الدقيقة لحقل حسّان دياب المعجمي. ” الرئيس المكلّف يشكّل الحكومة ” و ” لن أعتذر “. حبوب من زيت السمك الممتاز وراء هذا التصريح. إنطلاق عجلات الحكومة ببركة رسوليّة. الباص متوقّف حالياً أمام المحطّة. معاون البوسطة ينادي ركّاب ” الثورة ” لحجز مقاعدهم. قليلاً بعد ويُضطَرّون إلى العَدو لإستلحاق الباص. بعد حين سينتظرون طويلاً أمام المحطّة متأملين بلا جدوى وصول الرحلة القادمة.