بين القواعد والسيناريو كيان مهزوم استراتيجيا
د. شريف نورالدين بتاريخ: ٢٨ / ٧ / ٢٠٢٤.
بين القواعد والسيناريو كيان مهزوم استراتيجيا
في ظل بيئة إقليمية متقلبة ومحفوفة بالمخاطر وبالخصوص في حربه على غزة ولبنان، يعتمد الكيان على استراتيجيات عسكرية متقدمة لضمان أمنه القومي واستقراره الداخلي بعد زعزعته وتهديده وجوديا، لذا يجمع هذه الاستراتيجيات بين التحليل الاستخباراتي، والتخطيط الاستراتيجي، وقواعد الاشتباك .
سيناريو حرب الفعل وردة الفعل (Action-Reaction Warfare Scenario) هو نموذج تحليلي يستخدم لفهم ديناميكيات النزاعات العسكرية والتفاعل بين الأطراف المتحاربة. يعتمد هذا النموذج على فكرة أن كل فعل عسكري تقوم به جهة معينة يثير ردة فعل من الجهة الأخرى، مما يؤدي إلى سلسلة متتابعة من الأفعال وردود الأفعال التي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد النزاع.
* عناصر سيناريو حرب الفعل وردة الفعل:
الفعل الأولي: يمكن أن يكون هجومًا عسكريًا، قصفًا جويًا، توغل بري، أو أي شكل آخر من الأعمال العسكرية.
– ردة الفعل: تأتي ردة الفعل من الجهة المستهدفة، والتي قد تكون دفاعًا عن النفس، هجومًا مضادًا، أو اتخاذ إجراءات انتقامية.
– التصعيد:كل فعل وردة فعل يمكن أن يؤديان إلى زيادة التوتر وتصعيد الصراع، حيث تحاول كل جهة التفوق على الأخرى.
– التوازن أو الحسم:قد تصل الأطراف المتحاربة إلى مرحلة من التوازن حيث تتوقف الأعمال العدائية، أو قد يتم حسم النزاع لصالح أحد الأطراف.
* العوامل المؤثرة في سيناريوهات الفعل وردة الفعل:
– القدرات العسكرية: مدى تفوق أو ضعف القدرات العسكرية لكل جهة يؤثر على طبيعة الأفعال وردود الأفعال.
– الدعم الدولي: الدعم السياسي أو العسكري من الحلفاء يمكن أن يغير موازين القوى.
– الرأي العام: الضغط الشعبي قد يؤثر على قرارات القيادة السياسية والعسكرية.
– الأهداف السياسية: لكل طرف أهدافه السياسية التي يسعى لتحقيقها من خلال النزاع.
* أهمية دراسة سيناريوهات الفعل وردة الفعل:
– التنبؤ بالتطورات: يساعد تحليل هذه السيناريوهات في التنبؤ بالخطوات المستقبلية للأطراف المتحاربة.
– إدارة الأزمات: يمكن أن تساعد الفهم العميق لهذه الديناميكيات في إدارة الأزمات ومنع التصعيد.
– تطوير استراتيجيات الدفاع: تساهم في تطوير استراتيجيات دفاعية فعالة تعتمد على توقع خطوات العدو والرد عليها بشكل مناسب.
* مفهوم قواعد الاشتباك وعناصره: قواعد الاشتباك (Rules of Engagement, ROE) هي مجموعة من التعليمات التي تحدد الظروف والأساليب التي يُسمح فيها للقوات العسكرية باستخدام القوة أثناء العمليات. تهدف هذه القواعد إلى ضمان أن تكون الأعمال العسكرية متوافقة مع القوانين الدولية، كما توفر إرشادات للعسكريين حول كيفية التصرف في مواقف معينة.
– تحديد الأهداف: تحديد من يمكن استهدافهم ومتى يمكن القيام بذلك.
– استخدام القوة: تحديد مستوى القوة المسموح باستخدامه في حالات مختلفة (مثل الدفاع عن النفس، الدفاع عن الآخرين، الدفاع عن الممتلكات).
– القيود الجغرافية: تحديد المناطق التي يمكن فيها استخدام القوة العسكرية والمناطق التي لا يُسمح فيها بذلك.
– التنسيق والاتصالات: كيفية التنسيق مع القوات الأخرى والسلطات المدنية وكيفية الاتصال في حالات الطوارئ.
– الاعتبارات القانونية والأخلاقية: التأكد من أن الأعمال العسكرية تتماشى مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية.
* تغيير قواعد الاشتباك: تغيير قواعد الاشتباك يحدث عادة استجابة لتغيرات في الظروف الميدانية أو السياسية أو الاستراتيجية. يمكن أن يشمل التغيير توسيع أو تقليص استخدام القوة، أو تعديل القيود الجغرافية، أو تغيير الأهداف المسموح استهدافها.
– التغيرات في التهديدات: إذا تغيرت طبيعة التهديدات (مثل ظهور تهديدات جديدة أو انخفاض التهديدات القائمة)، قد يتم تعديل القواعد لتتناسب مع الوضع الجديد.
– الأهداف السياسية: قد يتم تغيير القواعد لتحقيق أهداف سياسية معينة أو استجابة لضغوط دبلوماسية.
– التغيرات الميدانية: قد تستدعي الظروف الميدانية المتغيرة، مثل تقدم القوات أو تغيير المواقع، تعديل القواعد.
– القضايا القانونية والأخلاقية: قد تتطلب القوانين الدولية أو الاعتبارات الأخلاقية تعديل القواعد لضمان الامتثال.
– التكنولوجيا: تطور التكنولوجيا العسكرية قد يستدعي تحديث القواعد لاستيعاب القدرات الجديدة أو التعامل مع التحديات الجديدة.
* أهمية تغيير قواعد الاشتباك:
– المرونة والتكيف: يسمح بتكييف القوات مع الظروف المتغيرة، مما يزيد من فعاليتها.
– الحماية القانونية: يضمن أن تكون الأعمال العسكرية قانونية وتحمي القوات من المساءلة القانونية.
– حماية المدنيين: يمكن أن تسهم في تقليل الإصابات بين المدنيين من خلال تحديد الأهداف بدقة أكبر.
– تحقيق الأهداف الاستراتيجية: تساهم في تحقيق الأهداف العسكرية والسياسية بفعالية أكبر.
– الصراعات الحديثة: في النزاعات الحديثة، قد تتغير القواعد بانتظام استجابة للتطورات على الأرض والضغوط الدولية.
* الاستراتيجية العسكرية: هي خطة أو مجموعة من الخطط التي توضع لتحقيق أهداف عسكرية معينة، تتضمن الاستراتيجية العسكرية استخدام الموارد المتاحة، بما في ذلك القوات المسلحة، لتحقيق هذه الأهداف عبر سلسلة من العمليات والتكتيكات.
– العلاقة بين السيناريو وقواعد الاشتباك والاستراتيجية العسكرية
– السيناريوهات: هي تصورات محتملة للأحداث والمواقف التي يمكن أن تنشأ خلال النزاع. تتيح السيناريوهات للقادة العسكريين التخطيط لردود الأفعال المناسبة والتأكد من جاهزية القوات لمواجهة مختلف الاحتمالات.
– قواعد الاشتباك: قواعد الاشتباك هي التعليمات المحددة التي توجه تصرفات القوات في الميدان، وهي جزء من الأدوات التي تستخدم لتنفيذ الاستراتيجية العسكرية، تضمن قواعد الاشتباك أن تصرفات القوات تتماشى مع الأهداف الاستراتيجية والقوانين الدولية.
– الاستراتيجية العسكرية: تربط بين السيناريوهات وقواعد الاشتباك من خلال وضع خطة شاملة لتحقيق الأهداف العسكرية. تشمل هذه الخطة تحليل السيناريوهات المحتملة ووضع قواعد الاشتباك المناسبة لكل سيناريو لضمان الاستجابة الفعالة والمنسقة.
* كيف يعمل كل عنصر مع الآخر؟
– تحديد السيناريوهات: يقوم القادة العسكريون بتحليل السيناريوهات المحتملة بناءً على المعلومات الاستخباراتية والتوقعات السياسية والميدانية.
– تطوير الاستراتيجية العسكرية: يتم تطوير الاستراتيجية العسكرية بناءً على السيناريوهات المحددة، مع التركيز على تحقيق الأهداف الوطنية والعسكرية.
– وضع قواعد الاشتباك: يتم صياغة قواعد الاشتباك لتتوافق مع الاستراتيجية العسكرية، مع التأكد من أنها توفر توجيهات واضحة للقوات في التعامل مع السيناريوهات المحتملة.
* تعامل الكيان مع الاستراتيجية العسكرية، السيناريوهات، وقواعد الاشتباك:
– التحليل الاستخباراتي المتقدم: تعتمد إسرائيل بشكل كبير على أجهزتها الاستخباراتية المتطورة لتحديد وتقييم التهديدات المحتملة بشكل دقيق، مما يسمح لها بتخطيط استراتيجي مدروس واستباقي.
– الردع والوقاية: ترتكز الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية على مبدأ الردع من خلال إظهار القوة وتنفيذ ضربات وقائية عند الضرورة، لضمان منع أي تهديدات مستقبلية قبل أن تتفاقم.
– التعاون الدولي: تعزز إسرائيل علاقاتها العسكرية والدبلوماسية مع حلفائها، ولا سيما الولايات المتحدة، لضمان الدعم الدولي في حال حدوث أزمات.
في النهاية، تشكل الاستراتيجية العسكرية الإطار الشامل الذي يربط بين السيناريوهات وقواعد الاشتباك، مما يضمن تنسيق الجهود وتحقيق الأهداف بكفاءة وفعالية، و تُعد عملية تغيير قواعد الاشتباك ديناميكيةً تهدف إلى تكييف القوات العسكرية مع الظروف المتغيرة، وضمان الامتثال للقوانين والأخلاقيات الدولية، مما يعزز الفعالية ويقلل من المخاطر القانونية والإنسانية، بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر تحليل سيناريوهات الفعل وردة الفعل أداةً حيوية لفهم وتحليل النزاعات العسكرية، وتطوير استراتيجيات سياسية وعسكرية لتحقيق الأهداف بفاعلية.
* خلاصة سيناريو الكيان : يعد الكيان سيناريوهات متعددة حيث لا ضوابط ولا التزام بالقوانين الدولية، بل كيان ارهابي وحشي وهذا ما تشهده غزة اليوم.
لكن بالنسبة للبنان حيث توازن الرعب والذي تخطى الردع، يقف الكيان عاجزا امام المقاومة وقوتها.
ومع ذلك بعد حادثة” مجدل شمس”…
أولا: يريد منها تغيير صورته العالمية حيث ليس وحده من يرتكب الجرائم في قتل الاطفال.
ثانيا: استغلالها اعلاميا على مستوى محلي ودولي لتغيير البوصلة والوجهة في الصراع والتأثير على المزاج والراي العام في العالم، واعادة هيكلة اللعبة الاعلامية لخدمة حربه.
ثالثا: هو يصطنع الاحداث لاستمرار هذه الحرب والهروب من فشله واحباطه وهزيمته الى الامام مع امكانية تحشيد اميركي اوروبي عربي اذا امكنه ذلك لتحديث المواجهة وتفعيلها حيث الحرب الشاملة في المنطقة لعله يحرز انتصارا…
رابعا: ان ردة الفعل على جادثة”مجدل شمس” ليسة حتمية وحسب بل محضر لها ولغيرها ممن يفركه مسبقا في استراتيجيات حربه، والتي لم يعد باستطاعته التراجع عن ردة الفعل بسبب الاحراج له حيث وضع نفسه…
خامسا: وهو الاهم باتجاه طائفة العرب الدروز، والذي يريد من خلالهم الفتنة والاستغلال، مع التاكيد للطائفة انهم في دولة تدعى”اسرائيل” مسؤولة عن حمايتهم ويعيشون على ارضها وفي ظل سلطتها..
لذا؛ هو امام خيارات محدودة جدا، في ظل أزمته الداخلية على شتى الصعد وانهاك قدرة جيشه وامنه، والتخبط السياسي فيما بينهم، والضغط الدولي وغيرها من المعوقات التي تفرض عليه حدود السيناريو حيث تحكمه قيود قواعد الاشتباك وغيرها مما ذكرت…
من هنا؛ الجديد المتغير في المواجهة مع لبنان وبعد الغرة على منطقة برج الشمالي في منطقة صور والتي طالت احياء سكنية، ما هي الا” تست” صغير واختبار ورسالة كمقدمة لما يعده الكيان في توسيع دائرة المواجهة، في سياق الفعل ورد الفعل في الميدان العسكري، بينما المتوقع التوسع في الميدان العسكري اكثر، مع امكانية (توغل امني عسكري) برا وجوا لتحقيق اهداف محدودة استعراضية تؤمن له صورة انتصار.
لكن من شبه المؤكد الجديد في الامر ضرب بنية تحتية لحزب الله من مراكز ومؤسسات، كي يبرهن لجمهوره والعالم انه لا يزال قوي ويستطيع خوض جيهات متعددة وبالخصوص مع حزب الله، ويعيد ثقة مجتمعه بقوة جيشه ومؤسساته الامنية والسياسية.
لذا؛ من خلال هذا السياق يمكن القول ان تذهب المواجهة نحو حرب صغرى، ساحتها ارض الجنوب من منطقة صور الى النبطية فاقليم التفاح وفي حساباته خط للرجعة، وخاصة في حال فشل عملياته، لكن كل ما يريده من هذه الحرب المصغرة الاستعراضية انتصارا ولو وهميا اعلاميا سياسيا…
لذلك؛ بداية المواجهة المفتوحة وامكانية انطلاقتها خلال الساعات القليلة القادمة، حيث يخضع كيانه السياسي والامني والعسكري لظروف قاهرة تفرض عليه المغامرة والمقامرة لهذه المواجهة…
واخيرا يبقى حق الرد لصالح المقاومة وحزب الله وفرض معادلة قواعد جديدة بحسب حنكته وتجربته وتحقيق انتصارانه وهزيمة عدوه، وهذا قد يؤدي الى انتهاء الحرب على غزة ولبنان خلال ايام، في صورة جديدة لهزيمة كبرى للكيان تؤرخ لنهايته، ومع امكانية تدحرج كرة الثلج نحو حرب اقليمية اذا وجد الدعم الاميركي الاوروبي العربي الكامل له و مع تحقيق انجازات في المواجهة الحالية…