اعلاميون واعلاميات ضد الشذوذ الجنسي
اعلاميون واعلاميات ضد الشذوذ الجنسي
       
محليات

هل يثأر الحريري من باسيل؟

هتاف دهام- لبنان24 تتساءل أوساط سياسية عن سر الخلفية التي دفعت رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الى التشدد ضد وزير الخارجية جبران باسيل والانقلاب على الشراكة التي جمعتهما منذ الانتخابات النيابية الأخيرة. فالحريري لم يخفِ مطلبه الأساس بأن تطال باسيل صيغة التعديل الحكومي التي طرحت مع بدء الحراك، واليوم وبعد استقالة الحكومة وبدء البحث بالصيغ البديلة للحكومة العتيدة برز في “بيت الوسط”، تحييد باسيل كشرط اساس.

فإذا ما اخذ في الاعتبار أن باسيل بدا الشخصية السياسية الأكثر استهدافا في الحراك الشعبي، فإن “التيار الوطني الحر” هو حديث العهد في السلطة ولا يمكن تحميله وزر الفساد المالي والاقتصادي الذي تراكم منذ مرحلة الطائف، ولا يمكن مساواته بطبيعة الحال من حيث المسؤولية مع القوى السياسية الأخرى التي أدت أدواراً أساسية منذ التسعينيات.

لا شك في أن موقف الحريري عطفا على غضب الشارع يطرح تساؤلات كثيرة، فما الذي يفسر الاستهداف السياسي والشعبي على حد سواء لرئيس “التيار الوطني الحر”؟ وهل الموضوع ينبع من الصفات الشخصية الاستفزازية لباسيل وتطرفه المسيحي واستعلائه في العلاقة مع القوى الأخرى حتى داخل تكتل “لبنان القوي”؟ أم نرجسيته الشخصية والسياسية على حد سواء خاصة وأنه كان يتعاطى بحسب المعنيين باستئثار لتحقيق المكاسب ولو على حساب حلفائه من الحريري وصولا إلى “القوات اللبنانية”؟ وهل ينطلق الحريري من خلفية تريد أن تثأر من التمادي الباسيلي في استباحة موقع الرئاسة الثالثة وتجاوزها وأحياناً إذلالها بذريعة التوازنات والتفاهمات؟ أم أن ثمة ما يضاف إلى كل ذلك وقد يكون أكثر أهمية لجهة وجود قرار دولي – محلي بالانقضاض على عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في النصف الثاني من ولايته والقضاء السياسي على الوزير باسيل كمرشح أول لرئاسة الجمهورية ورأس حربة المشروع البرتقالي؟

هذا المشهد الذي يقوم على خليط من الافتراضات والتحليلات يبدو أساسيا وضرورياً لفهم تصلب القوى السياسية المعنية بتأليف الحكومة؛ إذ أن هناك صراعا بين معادلتين: الاولى تقول بوجود الحريري وباسيل معا داخل السلطة. والثانية تفترض بقاء كلاهما خارجها؛ في الوقت الذي يسعى رئيس تيار “المستقبل” إلى إقناع المعنيين بمعادلة أخرى مفادها أن الخيار الوحيد الممكن في هذه المرحلة أن يكلف هو بتشكيل الوزارة، باعتباره أن أي خيارات أخرى ستكون كارثية، خاصة بعدما قطع الطريق على تكليف شخصية أخرى من فريقه وبموافقته، حاصرا الخيارات بشخصه فقط أو فليترك وشأنه كي ينتقل إلى صفوف المعارضة، وهذا يعني أن الحزب الاشتراكي سيكون خارج الحكومة وكذلك “القوات”، ومعنى ذلك أن الحكومة ستكون حكومة اللون الواحد من 8 آذار و”التيار الوطني الحر”، وهذا الاحتمال ينطوي على تعقيدات مالية واقتصادية وسياسية.

لقد عقد في “بيت الوسط” اجتماعان بارزان منذ ما بعد استقالة الحكومة، الأول جمع الرئيس الحريري والوزير علي حسن خليل ولم يكن إيجابيا. والثاني عقد أمس بين رئيس حكومة تصريف الأعمال وباسيل ولم تتضح نتائجه لغاية اللحظة، لكن ليس من المتوقع أن يحدث خروقات سريعة علما أن وزير الخارجية تريث في المبادرة إلى هذا الاجتماع إلى ما بعد مسيرة بعبدا، والتي يعتبرها التيار العوني استعراض قوة وشعبية أعادت تظهير الامتداد الشعبي له ولوزير الخارجية على وجه التحديد.

لغاية اللحظة لا تزال القوى السياسية متمسكة بمواقفها، وبالتالي لم تتضح بعد المساحة المشتركة التي سيقف عليها الجميع لتقديم التنازلات المتبادلة، علما ان أصواتا عديدة خرجت امس عن ممثلين من الحراك ترفض عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة أسوة بالوزراء باسيل وخليل ووائل ابو فاعور وجمال الجراح.

وفي هذا السياق، ثمة بركان من النقاشات التي تعصف بـ”التيار الوطني الحر”، بعضها يقال علنا وبعضها الآخر يتم تداوله في أوساط الكوادر والمسؤولين البرتقاليين، تنطلق من السؤال المشروع حول تجربة السنوات الثلاث من عهد الرئيس عون ومن قيادة باسيل لـ”التيار” وعن أسباب تفشي العدائية في الأوساط المختلفة تجاه الاخير، وعن عدم النجاح في تحقيق منجزات ملموسة ذات قيمة؛ الأمر الذي يستوجب بحسب أوساط عونية ضرورة القيام بمراجعة شاملة لتجربة النصف الأول من الرئاسة، وبالتالي إعادة النظر بمنهجية وادوات العمل، خاصة وأن المصلحة الوطنية تقتضي من الجميع التضحية.

بلال مشلب

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى