اعلاميون واعلاميات ضد الشذوذ الجنسي
اعلاميون واعلاميات ضد الشذوذ الجنسي
 
محليات

جنبلاط يبيع ويشتري مع روسيا

جنبلاط يبيع ويشتري مع روسيا

عبدالله قمح | 2020 – شباط – 27

“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
ما زالَ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ينتظر إكتمال جدول أعمالهِ الروسي لينطلق على متن أول رحلةٍ إلى موسكو، لكن هناك أمورٌ مُبهَمَة ظهرت على كتفِ الزيارة يجد “البيك” مصلحةً في عدم البوحِ بها الآن مفضِّلًا تفكيك ألغازها ربطًا بالقرار الروسي الحدّ من رزنامةِ اللقاءات التي يجريها سكّان الساحة الحمراء.

ما هو معلنٌ حتى السّاعة، أنّ الزيارة ستتم على الأرجحِ منتصف الشهر المقبل، أما الغير معلن وما يمكن أن يحملَ بعض الالتباسات يأتي من خلف التشديدِ على عدم الإفصاحِ عن برنامج لقاءاتِ جنبلاط في العاصمة الروسية، وما يزيد الأمور ضبابيّة بطريقةٍ تُقلِّل من أهميّةِ الزيارة أنها قد لا تأتي على قدر الآمال المُعَلَّقَة لدى الزعيم الدرزي الذي رفعَ سقف لقاءاته بصورةٍ أحاديّةٍ من دون العودة إلى مركز القرار الروسي.
بصرفِ النظر عن ذلك كلّه، يمكن القول، أنّ جنبلاط عاودَ استئنافِ علاقتهِ مع موسكو. هو يأملُ في أن ينعكسَ ذلك إيجابًا عليه وإستطرادًا على وضعيَّتهِ السياسيّةِ في الداخل، ربما يكفل له ذلك العودة إلى لعبِ دورِ “بيضةِ القبّان” بعدما وجدَ إمكانية لذلك في حالِ الانغماسِ قليلًا في فضاءِ المصالحِ الروسية الساعية خلف حقولِ النفطِ والغاز.
وليد جنبلاط، يتأبَّط في ما قيلَ أنّه حصّة “الدروز” في البلوكات النفطية اللبنانية في البحر ويذهب باتجاه الشرق بحثًا عن إستثماراتٍ روسيّةٍ بعدما وجدَ أنّ موسكو هي الحلُّ الاضمن لمسار استخراجِ الثرواتِ من البحر.
ثمة من يقول، أنّ “وليد” ولو وجدَ غير موسكو من تترتَّب عليها نسبة كبيرة في مسألة تأمين إستخراجِ النفطِ لكانَ ركضَ اليها.. ما يعني، أنّ انفتاحه وتسويقه الحديث عن دورٍ روسيٍّ مستجدٍّ في بيروت، لا ينمّ سوى عن ترجمةٍ لنواياه المصلحيّة.
خلال المرحلة القصيرة الماضية، لوحِظَ، أنّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، “يُفرِط” في الثناءِ على روسيا ودورها سياسيًا، علمًا، أنّه خلال تدشينها مرحلة الدخول إلى سوريا كان يتموضَع ضمن الخطِّ المقابل الرافض لدخولها عمق ملفات المنطقة. ثمّة من اعتقدَ، أنّ ما يجري هو نسخةٌ معدَّلةٌ من سياساتِ “الالتفافِ” التي يؤدي “البيك” دورها بإتقانٍ، لكن سرعان ما تبيَّنَ أنّ ما يتخفّى خلف ذلك هو أكبرُ بكثيرٍ.
جنبلاط رحَّبَ بـ”روز نفط” في طرابلس، لا بل دعا إلى “تعاونٍ لبنانيٍّ روسيٍّ أوسع”. هناك من يلمِّح إلى أنّ جنبلاط الجديد زمن النفطِ مختلفٌ في مقاربةِ العلاقةِ مع روسيا. وينقل عنه، أنّه أصبح “برغماتيًا زيادة” في قراءة حضورها في سوريا على نحوٍ يريد أن يستفيد منه في مسألةِ الانعكاسِ الايجابي على لبنان لكن الحاجز يقف عند حدودِ ضيق صدر البيك من السفير الروسي لدى بيروت الكسندر زاسبكين.
استتبع التصريحات بإرسال وفودٍ إلى موسكو أمّها نجله أكثر من مرّةٍ كان المناوب على استقبالها دائمًا المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف المكلَّف إدارة الملفاتِ على مستوى الأحزاب اللبنانية.
البحث طبعًا، ينحصر في كيفيّةِ تأمين التعاون مع روسيا في المجال اللبناني، لكن الوفد ربما غاب عنه، أنّ بوغدانوف مناوبٌ على لقاءِ تقريبًا جميع الموفدين اللبنانيين إلى روسيا.. أي أنّ اللقاء بنائب وزير الخارجية لا يُعدّ معبرًا إلى الساحةِ الحمراء… أو العكس.
غاية وليد جنبلاط كما يُنقَل في بيروت تتمثَّل في تأمين مواعيدٍ “ثقيلة” له في موسكو على رأسها لقاء الرئيس فلاديمير بوتين وقد عملَ على إجراءِ زياراتِ تواصلٍ مع روسيا في محاولةٍ منه لتأمين بركةِ هذا اللقاء وإلّا فلا معنى للزيارة من أصلها، لكن لغاية الآن يتبيَّن أنّ أقصى ما أمَّنَه “وليد بك” هو جلسةٌ مع وزير الخارجية سيرغي لافروف!
ربما يظنّ جنبلاط، أنّه وعبر اعتمادِ البيعِ والشراءِ في المواقفِ السياسية على المنابر يستطيع أن يؤمِّنَ علاقة منتظمة مع روسيا أو حتى مجرّد لقاءٍ، لكن غابَ عنه أنّ دولة “قطب” على وزنها السياسي لا تقيس العلاقات في المواقفِ بل في الممارسةِ.. فما الذي قدَّمَه جنبلاط في الممارسةِ لكي تمنحه روسيا أي لقاء على هذا الوزن؟ ومن يضمن لها أن لا يقدم على طعنها بالظهر في اليوم التالي على لقائهِ بوتين.. كما فعلَ ذات مرّة.
المشكلة مع روسيا ليست في أنّها ترفض أن تقيمَ علاقاتها على أساسِ الاحكام المُسبَقة أو النوايا المبيّتة وحسب، بل تكمن في أنها لا تقبل التعاطي معها على أساسِ القطعة أو بيعها المواقف العلنية رغبةً في نيل مكاسبٍ سياسيّةٍ، كما يفعل جنبلاط الآن، بل دائمًا ما تبحث عن علاقةٍ قائمة من دولة إلى دولة وليس كما عوَّدَت الولايات المتحدة اللبنانيين أي في إنشاءِ علاقاتٍ بالمفرّق.
في السياق، يجيد البعض في لبنان تلاوة الشعر وإعتماد سياسةِ التكبير والتبجيل، وهو أسلوبٌ منبوذٌ روسيًا، فإذًا هي مشكلة ما دام جنبلاط يصرّ على تلاوة الابيات ويتجاهل الموقف الروسي منها وهو العالمُ تحديدًا أنّ دولة قطب لا تؤخَذ بمواقفِ الصفحات والمنابر بل بالاجراءات العملانية وهي كثيرةٌ.
هذا ما لم يقتنع به جنبلاط بعد، وربما لن يتقنع ما دامت سياسة المصلحة تطغى على ما عداها.

بلال مشلب

رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى