ضربة لمصرف لبنان تطالُ الدّولار .. إليكم فعله خلال يومين بالمواطنين
ضربة لمصرف لبنان تطالُ الدّولار .. إليكم فعله خلال يومين بالمواطنين
كانت مُتوقعة خطوة مصرف لبنان الأخيرة التي حصلت، أمس الإثنين، إذ جرى تخفيض سعر دولار منصة “صيرفة” إلى ما دون الـ88 ألف ليرة لبنانية بعدما كان 90 ألفاً. طبعاً، الأمرُ هذا “المُصطنع” حصل لسببٍ واحد وهو أنّ السوق الموازية للدّولار شهدت على تراجعه بشكلٍ بارز خلال اليومين الماضيين، إذ انخفض بنحو 7 آلاف ليرة لبنانية بشكلٍ متتابع.
واقعياً، فإنَّ انخفاض الدولار بين “صيرفة” والسوق الموازية أتى تزامناً مع إعتماد سعر دولار 60 ألف ليرة لرواتب القطاع العام، وهنا تكمنُ القطبة المخفيّة. فقبل اعتماد السعر المذكور لصرف الرواتب من قبل مصرف لبنان، كان الدولار يتراوح بين 107 و 110 آلاف ليرة لبنانية. إلا أنه وبعد اعتمادِه رسمياً، شهد الدولار الإنخفاض التدريجيّ وهو الأمر الذي يصبّ في مصلحة مصرف لبنان أولاً وأخيراً، لكنه لا يخدم الموظفين أبداً. وضمنياً، فإنه بإنخفاض الدولار، استطاع مصرف لبنان تقليصَ خسارته التي سيتكبدها بعد بيع الدولار لرواتب الموظفين على أساس الـ60 ألفاً. فلو بقي الدولار مرتفعاً وفوق الـ107 آلاف ليرة لبنانية، لكانت خسارة البنك المركزي بنحو 50 ألفاً، لكنه مع الإنخفاض، فقد تقلصت تلك الخسارة تدريجياً، والهدف هو تقريب الأسعار من بعضها البعض وتحديداً من منصة “صيرفة” التي على أساسها سيشتري مصرف لبنان الدولارات من السوق ويبيعها للمواطنين.
أما على صعيد المواطنين والموظفين، فإنَّهم خسروا جزءاً من أموالهم بالليرة اللبنانية. فبدل من أن يصرفوا دولاراتهم التي يحصلون عليها بسعر 107 آلاف ليرة لبنانية، باتوا مضطرين الآن لصرفها على سعر 95 ألفاً، إذ انخفض سعر الدولار مساء أمس إلى حدود هذا الرقم. فعلى سبيل المثال، فإنّ المواطن الذي سيتقاضى 100 دولار، كان سيحصل على 10 ملايين و700 ألف ليرة لبنانية قبل إنخفاض الدولار. أما الآن، فقد أصبح لزاماً عليه الحصول على 9 مليون و500 ألف ليرة لبنانية، ما يعني أنّ الخسارة هي مليون و200 ألف ليرة لبنانية.
إذاً، وإزاء المشهد الذي يشهده السّوق، تمكّن مصرف لبنان من إتمام السيناريو التالي من دون أي تدخلٍ إضافي، ففعل التالي: ساهم في تقليص الدولار في السوق الموازية – أبقى على تدخّله عبر منصة “صيرفة” – احتوى غضب القطاع العام عبر صرف رواتبهم على أساس دولار الـ60 ألف ليرة – قلّص من حجم كميات الليرة التي سيطلبها المواطنون عبر صرف الدولارات – منح الموظفين الدولارات “الفريش” وهو أمرٌ وفر سيولة دولارية إضافية – قلّص حجم خسارتِه تباعاً مع الوقت وتحديداً خلال آخر يومين.
هل من إرتفاعٍ مُرتقب؟
بالنسبة للسوق، فإنّ الترقب سيبقى سيّد الموقف حالياً، في حين أن سائر الموظفين سيلجأون حالياً إلى صرف دولاراتهم فور تقاضيها من المصارف. وعليه، فإنّ الإحتفاظ بتلك الأموال “الفريش” لن يدوم طويلاً، كما أنّ مشهدية الهبوط الذي يحصلُ في السوق سيدفع آخرين لديهم دولارات إلى صرفها، ما يعني دخول كتلة نقديّة إضافية لا تمرّ أصلاً عبر المصارف. هنا، تقول معلومات “لبنان24” إنّ “هناك تجاراً كبار طلبوا خلال الساعات الماضية بيع مبالغ نقدية هائلة من الدولار في السوق لتجنب خسائر إضافية، وذلك بعد ورود معلوماتٍ إليهم عن أن سعر العملة الخضراء قد يشهدُ تراجعاً إضافياً خلال الساعات المقبلة”، وتضيف: “حالياً، فإنّ الصرافين في السوق الموازية شهدوا أيضاً على تهافتٍ لمواطنين يحملون مبالغ من العملة تتجاوز حدود الـ5 آلاف دولار، وقد جرى صرفها مباشرةً وفق سعر الـ101000 ليرة لبنانية”.
وفعلياً، فإنّ الهدف الأساس لمصرف لبنان يكمن في الإستفادة من تلك الدولارات التي لم يتكلّف بها، فالأساس حالياً بالنسبة له هو جذبها إلى السوق من دون أي تدخلٍ من قبله. وتفصيلاً، فإنه من خلال الإنخفاض “المُصطنع” الذي يسيطر على السوق، سيندفع المواطنون لبيع ما لديهم من دولارات لا يحتاجون إليها، في حين أن البنك المركزي سيحصل على تلك الدولارات بسعرٍ يوازي تسعيرة “صيرفة” قبل أن يأتي ويشتريها مُجدداً من ليرات لم تدخل أصلاً في عملية بيع وشراء العملة الخضراء من السوق، ما يعني أن الربح سيكون قائماً وبشكلٍ صافٍ للبنك المركزي. وتوازياً مع ذلك، فإن البنك المركزي سيجدُ نفسه مُضطراً في وقتٍ لاحق لـ”لمّ الدولارات” من السوق لتأمين رواتب القطاع العام مُجدداً، ما يعني أن دوامة الإرتفاع ستتجدّد، وذلك بحسب ما يُجمع عليه مختلف الخبراء المواكبين للسّوق.
إذاً، ومع هذه المشهدية، يتوضّحُ مسار مصرف لبنان في السوق مؤخراً، وما يتبين هو أنّ التجار يعملون وفق أجندةٍ واضحة أساسها جذب دولاراتٍ عبر إبتداع إنخفاضٍ مُصطنع من أجل بيعه بسعرٍ مرتفع لاحقاً وتعويض خسائر تكبدوها سابقاً. أما الضحية وسط كل ذلك فهو المواطن أولاً وأخيراً…
لبنان24