عماد مرمل-جريدة الجمهورية
غابت ابنة رئيس الجمهورية السيدة كلودين عون روكز عن التظاهرة التي نظّمها «التيار الوطني الحر» دعماً للرئيس ميشال عون في محيط قصر بعبدا، أمس الاول، وهو غياب ترافق مع افتراق النائب العميد شامل روكز عن «تكتل لبنان القوي» ورئيسه. وبناءً عليه، اين تقف إبنة الرئيس من الحراك الشعبي ومطالبه؟ وما هي مقاربتها للأزمة الراهنة؟
للوهلة الاولى، تبدو كلودين عون في موقع حَرِج، كون رئيس الجمهورية هو والدها، والعميد روكز زوجها، ورئيس «التيار» زوج شقيقتها، ما يقود الى الافتراض أنّ عليها تدوير الزوايا حتى لا يغضب منها أحد من أطراف هذه المعادلة السياسية- العائلية الدقيقة.
لكن، حين تبدأ عون بشرح مواقفها مما يجري، يتبيّن أنّها واضحة وصريحة، فلا تخفي أو تموّه قناعاتها، بل تجاهر بها «حتى لو كان البعض سينزعج مني او سيخوّنني».
وتقول لـ«الجمهورية»، إنّها كانت تستقل الطائرة عائدة الى لبنان، في الوقت الذي كانت تُقام فيه تظاهرة «التيار الوطني» تأييداً لرئيس الجمهورية، «لكن حتى لو كنت موجودة في لبنان آنذاك، فإنني لم أكن شخصياً لأشارك في هذه التظاهرة»، متسائلة: «هل يصح ان يدعم المرء نفسه؟ أنا في السلطة، فكيف يجوز أن أتظاهر دعماً لنفسي؟ طبعاً، أقدّر كل العونيين أو المنتمين الى «التيار» ممن شاركوا في تظاهرة بعبدا لتأكيد وقوفهم الى جانب الرئيس عون، بعد مرور نحو اسبوعين على تحمّلهم للاستفزازات والمضايقات، على انواعها، من اتهامات سياسية وقطع للطرق، إنما في ما يتعلق بي شخصياً، كان من غير المنطقي ان اشارك في مثل هذا التحرّك».
وتشير عون الى أنّها من موقعها رئيسة للهيئة الوطنية لشؤون المرأة، تشعر بأنّها موجودة في كل الساحات والتظاهرات، وليست معنية بأن تحضر في ساحة او تظاهرة واحدة فقط، مؤكّدة انّها مع المرأة في كل الميادين، سواء تلك التي تدعم الرئيس، او تنادي بالجنسية لأولادها، او تطالب بالدولة المدنية، أو تتصدّى للفساد، أو تطالب بحقوق انسانية..
وتلفت الى انّ «تغلغل بعض الاشخاص الذين يفتقرون الى التهذيب والأخلاق في الساحات، لا يلغي حقيقة أنّ هناك اكثرية ساحقة أطلقت صرخة ألم صادقة ومدوية، على كل الصعد، ما يستدعي من السلطة ان تستمع اليها وتعالج أسبابها».
وانطلاقاً من تجربة شخصية، تضيف: «هل تعلم انّ ابني، على سبيل المثال، اضطر الى الهجرة لأنّه وجد فرصة عمل في الخارج، بينما ينتظر كثر غيره فرصة مماثلة ليهاجروا ايضاً؟».
وتشير الى انّه من الطبيعي في مثل هذه الظروف أن يحاول بعض الجهات ركوب موجة الاحتجاجات الشعبية لاستهداف العهد أو «حزب الله»، مشدّدة على انّ ذلك «يجب ان لا يمنعنا من التقاط نبض الناس والتفاعل مع الوجع الذي يشعر به معظم الذين نزلوا الى الساحات».
وما رأيكِ في خطاب الوزير جبران باسيل امام المتظاهرين في محيط قصر بعبدا؟ تكتفي كلودين عون بالقول: «لم اسمعه». ثم تلفت الى أنّها اطلعت عبر مواقع التواصل الاجتماعي على كلمة الرئيس عون، «وهي كانت جامعة، كما خطابه الخميس الماضي».
وتعليقاً على تأكيد باسيل انّه لا مكان في التيار للخائف او الخائن؟ تقول: «بعض الاصدقاء ارسلوا إليّ هذا المقطع لأنّهم اعتبروا ربما انه موجّه الى زوجي العميد شامل روكز، وأياً يكن الامر، فانّ أحداً لا يعطي العميد روكز دروساً في الوطنية والوفاء، ولا أحد مؤهّلاً لذلك أصلاً. انّ رصيد العميد نابع بالدرجة الاولى من محبة الناس واحترامهم له، وهو لم يجمع هذا الرصيد الشعبي ولم يُنتخب نائباً بفضل اي شخص، وانما بفضل مسيرته الوطنية، ولذلك لا نعتبر اننا معنيون بتهمة الخيانة، «لأنو ما حدا إلو علينا شي حتى نُتهم بأننا خذلناه».
وتتابع: «بالنسبة إليّ، الخائن الحقيقي هو من لا يكون سلوكه على قدر تطلعات شعبه».
وتشدّد عون على ضرورة تخفيف حدة «الإيغو» لدى كل منّا، والكف عن الاختباء خلف الإصبع، في هذه المرحلة الصعبة، لافتة الى «انني، كإبنة للرئيس، مستعدة ان أجلس في المنزل إذا اقتضت مصلحة البلد، لأنّ الانهيار الشامل إن حصل لن يُعفي أي طرف، ومفاعيله ستصل الينا جميعاً»، كلنا يعني كلنا».
وتلفت الى انّ «الانتفاضة الشعبية تركّزت على الحكومة المستقيلة، كونها ضمّت اسماء مستفزة لشريحة من الرأي العام، ما يعني تلقائياً أنّها يجب ان لا تعود الى الحكومة المقبلة، علماً انّ بعض الوزراء المطالَبين بالرحيل هم نواب، ويستطيعون ان يواصلوا دورهم وعملهم في الشأن العام انطلاقاً من مواقعهم النيابية التي لا تقلّ تاثيراً عن المواقع الوزارية».
وتدعو عون الى اجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلّف، وفق قواعد اللعبة الديموقراطية، «بحيث تسمّي كل كتلة نيابية المرشح الذي تراه مناسباً، فإذا نال احدهم الاكثرية يُكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة، وإذا تعذّر ذلك، تتمّ الدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة»، مشدّدة على ضرورة اعتماد الشفافية في السلوك السياسي بعد انتفاضة 17 تشرين الاول، «لأنّ الناس أصبحوا يرفضون التسويات المعلبة».
وتستغرب ان تقوم الدنيا ولا تقعد لدى طرح خيار الانتخابات المبكرة، «في حين لم يظهر اي رد فعل بهذه الحدّة عندما جرى تأخير الانتخابات مرات عدة في السابق نتيجة التمديد للمجلس النيابي».
وتؤكّد انّه «إذا جرى تطبيق خطة العمل او خارطة الطريق التي اطلقها رئيس الجمهورية في خطاب منتصف الولاية، فسيستطيع ان ينجز في الجزء الثاني من عهده ما تعذّر إنجازه في النصف الاول، لجهة تحقيق الاصلاح والنهوض الاقتصادي، ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وبناء الدولة المدنية».