وزير الصحة… الى الاستقالة
??مقولة “لا داعي للهلع” التي أنتجها وزير الصحة حمد حسن كمساهمةٍ منه في عدم إثارة الخوفِ في بلدٍ يعيش على “صوص ونقطة” حرّفتها جهات سياسية فحوَّلتها إلى مقولةِ “هيا إهلعوا!” وما دامت السياسة المتَّبعة “ماكيافيليّة” المنشأ والهوية، يصبح عندئذٍ تخويف اللبنانيين هو أمرٌ له مضاعفات سياسيّة ومصدرٌ للاستفادة السياسيّة.
منذ أن حطَّ فيروس “كورونا” في لبنان، ظهَرَت نماذج من استهدافٍ سياسيٍّ يستبطن دعوات التعامل بجديةٍ مع الحالةِ الاستثنائية الطارئة، وكان لافتًا، تصويب جهاتٍ ذات وجهٍ سياسيٍّ مُحدَّد بإتهاماتٍ مُبطَّنة معلَّبة بـ”كورونا” إلى جهاتٍ سياسيّةٍ أخرى تتقاسم معها الخصومة، ما جعل “الوباء” يأخذ المنحى السياسي التنازعي المنفصل بدل أن يكون في السياق الانساني الجامع.
يقول سياسيٌّ متابعٌ أنّ وصول أول حالة كورونا إلى لبنان على متن طائرةٍ إيرانية قادمة من مدينة قمّ اعتُبِرَ بمثابةِ خدمةٍ “مرتفعة الجودة” لأصحاب النزعةِ السياسيّةِ المعادية لطهران في لبنان، فإستثمروا في المسألةِ صوب خلق مبرّراتٍ ذات طابعٍ سياسيٍّ تفيد في مسألةِ التهجّم على الحكومة “الفتية” ورئيسها ولاحقًا أدائها وأداء وزير الصحة، علمًا، والكلام للسياسي، أنّ ما يقدم على فعله الوزير مقارنة مع الامكاناتِ المتوفرة في لبنان يُعد هائلًا، فهو نجحَ في إحتواءِ “المصدر الإيراني لانتشار الفيروس والمعركة تدور الآن مع مصادر أوروبية لم تكن مُدرَجة على قائمةِ الأهدافِ”.
وفي بلدٍ مثل لبنان، يُعاني من أزمةٍ إقتصادية – مالية، أمرٌ طبيعيٌّ أن تأتي الإجراءات بطيئة وهذا لا يرتبط بقدراتِ الوزير أو الحكومة مجتمعةً بل في الامكانات غير المتوفرة والارضية غير الجاهزة لمواجهةِ مثل هذا الصنف من الأوبئة، والمقصود أنّ المسارَ لا يختلف بين حكومةٍ وأخرى قياسًا بالامكاناتِ المُتاحَة.
ويبدو واضحًا، أنّ أصحابَ النزعةِ المعادية لطهران بخطواتهم المُتدرِّجَة بدءًا بإستهدافِ إجراءاتِ الحكومة حيال الرحلات من طهران مرورًا بانتقادِ إجراءاتِ الوقاية والبرامج المُتَّبَعة حكوميًا ووضعهم لوزير الصحة حمد حسن في عين الاستهدافِ الصريح والواضح وصولًا إلى التشكيك بالإجراءات وتركيزهم على الارتباطِ الايراني بـ”تصدير الكورونا” إلى لبنان، يسعون إلى تحقيقِ هدفٍ سياسيٍّ أبعد من موضوع الاعتراضِ على إجراءاتٍ أو تحفيز الحكومة.
في الحقيقة، إنّ “الهجمة” سواء التي تُلبس إيران تهمة مصدر الوباء الأساسي أو تلك الممارسة على الحكومة أو وزير الصحة هي استمرارٌ للمسار الذي يصوَّب على فريقٍ سياسيٍّ معين منذ أن قدمَت أول طائرة من إيران وما هي إلّا تغطية على حركةٍ أساسيّةٍ الهدف من ورائها ممارسة المزيدِ من استهدافِ حزب الله في الداخل وشيطنته، فإيران “مصدر الوباء” هي حليفُ حزب الله اللبناني والحكومة هي “حكومة حزب الله” ووزير الصحة سُمِّيَ من جانب الحزب!
من الواضح، أنّ وزير الصحة حمد حسن قد تحوَّل إلى “كيسِ رملٍ” أو مصدرٍ للرسائل المنبعثة نحو حزب الله بدليل الكمية الهائلة من التشويهِ والضغطِ الذي يمارَس عليه، ويبدو في الافق أنّ تحالفًا سياسيًا – إعلاميًا يجري الاعداد له من أجل رفعِ منسوبِ الضغوطات على وزير الصحة من بوابةِ الدعوة إلى “إعلان حالة الطوارئ” التي يجد معظم الخبراء، سواء الصحيين والأمنيين، أن لا داعي لها الآن لكون لبنان ما زال ضمن قائمة الدول التي لم تخرج عن السيطرة.
على أيّ حال، تبني جهات سياسية وإعلامية لمسألة إعلان حالة الطوارئ وأخذ الموضوع صوب التلويح باستخدام القضاء، دعوة تستوطنها أعمال نكاياتٍ سياسيّةٍ لا أكثر ودعوة إلى وزير الصحة وتكبيده الاكلاف الإنسانية من أجل دفعهِ نحو الاستقالة مراهنين على جيناتهِ “التكنوقراطية الخفيفة” وغياب المناعة السياسية لديه. ويبدو أنّ أصحاب هذا المذهب يعتقدون في حال حدوثِ ذلك أنهم حققوا هدفًا سياسيًا ثنائيًا في مرمى حزب الله، الأول توجيه مضبطة اتهام بحقهِ بالتقصير، والثاني زعزعة استقرار حكومته.
?”ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح