هل من مُخطّط للإطاحة بالرئيس #بري ! ؟
الخميس 05 آذار 2020
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
وكّلَ رئيس مجلس النواب نبيه بري أمره إلى الله وبه المستعان وعنده الشكوى من تصرفاتِ بعض المحسوبين “حلفاء” عليه.
رغم ذلك، فإنّ “أبو مصطفى” لا يسكت عند ضيمٍ أو سلبِ حقٍ. في أدبياتهِ يُعد صاحب الحق سلطان، ولدى فريقه السياسي الإمتنان لأدائه في ما له صلة بالموضوع النفطي، فهو مسجلٌ على “قائمةِ الشرفِ” كأحدِ المساهمين في وصول لبنان إلى ما وصلَ إليه على هذا الصعيد ويُعدّ أحد “المنقبين” عن ثرواتِ “الأرز” في البحار، سواء تقنيًا من خلال توفير الظروفِ التشريعية المواتية، أو سياسيًا عبر شروعهِ في مهام التفاوض والتنقيب عن الأثر السياسي الحامي للثروات.
ولنبيه بري حقٌ لا ريبَ فيه سواء اتفقت معه في السياسةِ أو لم تتفق، يجدر بنا منح مكتسباتهِ للرجل الذي انضوى ضمن تركيبةِ مفاوضاتٍ مع أكثر من مسؤولٍ أميركيٍّ خلصت إلى تثبيت حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة بمساحةٍ لا تقل عن 860 كلم مربع، فرضت على العنصر الاميركي الاقرار بها ولو تخلف بعد حين وإلتفَّ نحو محاولةِ تقسيمها بين لبنان وإسرائيل.
من هنا، يصبح حق نبيه بري الزعل من عدم دعوتهِ إلى إحتفاليّةِ إكتشافِ النفطِ التي دعا إليها رئيس الجمهورية ميشال عون وشارك فيها رئيس الحكومة حسان دياب وإلى جانبهما وزير الطاقة الجديد، ويحق له أيضًا أن يشعرَ بأنّ ثمة من ينتقص من قيمتهِ متعمّدًا.
ليس سرًا أنّ همسًا يدور لدى الجانب المحيط برئيسِ المجلس حول وجوب ردّهِ على ما اسموه “إهانة وإنتقاص لمقامهِ” على الرغم من أنّ رئيس حركة أمل حاول التخفيف من ردات الفعل حول عدم الدعوة بتعليقهِ أنه لم يكن في واردِ الحضور نتيجة “ظروفٍ صحيةٍ” ولو أنّ مثل هذا الكلام رُبِطَ في سياق الفعل ورده.
المشكلة هنا تقبع في الذهنية التي تريد تجيير كل ما ملكت ايمانها من مكتسباتٍ لنفسها، وفي هذه العقلية ما يصعب التعامل معه، ولو أنّ البعض يتفهَّم مثلًا إقدام التيار على مثل هذا التصرف وحصر الدعوات بنفسه من دون تجييرها إلى بري كشريكٍ في الملك، على إعتبار أنه أكثر طرفٍ سياسيٍّ شُوِّهَت صورته منذ ما بعد إنتفاضة 17 تشرين. لذا أرادَ الاستثمار في تصحيح صورته من بوابة “اليوم النفطي”.
لكن كما قلنا، موضوعٌ من هذا القبيل لا يمرّ عند بري مرور الكرام. تصرّف الرئيس الأخير بحقه حُفِرَ عميقًا لديه. هو طبعًا، لا يُمارس “فعل النكايةِ” في السياسةِ، لكن لديه أوراقه الشرعية لممارسةِ الردِّ ضمن السقفِ السياسيِّ طبعًا على محاولاتِ “تقزيمٍ فاشلة” تعرَّض لها.
ثمة ما يحيل ملف الحكومة إلى دائرة الصرح من جديد بين الأخضر والبرتقالي، وهذا الجانب بدأ يلحظ ما يُشبه الإشتباك المكتوم عبر أدواتٍ صريحةٍ متوافرة على طاولة مجلس الوزراء تدور تحت مسمى “ملفات شائكة” هي تعبيرٌ صريحٌ جدًا عن التعثر الذي يطبع العلاقة بين عون وبري، والتي باتت تحتاج إلى صقل قدرات من أجل درء مخاطرها عن الحكومة “الهشة سياسيًا”.
وإرتدادات “فعلة الاحتفالية” طاولت أكثر من ملف. التشكيلات القضائية مثلًا تُمارس فيها “أمل” فعل العدائية الواضحة مقابل أفعال التيّار، ومن الواضحِ أنّ الصراع يأخذ صورة لنزاعٍ مُتعدِّد الرؤوس يدور بين القصر وعين التينة، وبين الأول وبيت الوسط والمختارة، في ظلِّ وضع فيتو على أسماءٍ ورفع موافقاتٍ عن أسماءٍ أخرى!.
الملف الكهربائي مرفوعٌ على خطوطِ التوتر العالي ويُقاس بـ”ميغاوات الخلافات” المتشعِّبة. موضوع البيئة المقبل على الطروحات الحكومية من بابهِ الواسع هو كنايةٌ عن حقلِ ألغامٍ جاهزٌ للانفجار بين الطرفَيْن. هذه كلّها ارتدادات ترخي بظلالها على عمل الحكومة.
أخطر ما في “قضيّةِ النفطِ” ليس في عدم الدعوة الشكلية فقط بل ما يستبطن ذلك من أهدافٍ مضمرة تتخوَّف منها “أمل” وتُحال إليها أسباب تولِّد النفور من رئاسةِ الجمهورية. إذ أنّ أوساط عين التينة باتت تُجاهر بتوافر معلومات لديها حول وجودِ نيّةٍ لـ”تحييد بري” عن ملف النفط وإبعاده عنه.
وللحقيقةِ، جرّب هذا الأمر مرة حين طرح الحريري تسليم مقاليد التفاوض مع الاميركي لنفسهِ بصفتهِ رئيسًا للحكومة لكن سرعان ما سقطت المحاولة وعادَ رئيس تيار المستقبل إلى بري متعذرًا، فهل يمكن إدراج “فعلة التيار” في خانة التغييرات والتراجع عن تأييد تولي بري موضوع التفاوض حول ترسيم الحدود البرية والبحرية مع الاميركيين؟ وإستطرادًا هل ثمة سعي إلى إفراغ المفاوضات من مضامينها ونقل الملف إلى جهةٍ غير بري إفساحًا في المجال أمام إدخال نمطٍ جديدٍ من الطروحاتِ؟
ثمة من يجيب بـ”نعم”، ومرد ذلك إلى تصلب بري التفاوضي الرافض لأي تنازلٍ يقدَّم للأميركي ما حدا بالاخير إلى ممارسة نوعٍ من أنواع الابتزاز عبر تجميدِ مفاعيل المفاوضات محاولًا فرض مقايضة جديدة: “تحرير الاستخراج يقابله تحرير الترسيم”.