رسالة قاسية من بعبدا الى بيت الوسط.. ماذا في التفاصيل؟
رسالة قاسية من بعبدا الى بيت الوسط
السبت 14 كانون الأول 2019
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح
بدأت علامات الاستفهام ترتسم حول الاستشارات النيابية المرتقبة نهار الإثنين، وسط غموضٍ يكتنف مصيرها ويرفع من نِسَبِ عدم إجرائها ربطًا بالتطورات التي جرت خلال الأيام الماضية، وهو ما أتاحَ الاعتقاد بإمكانية إخضاع الورشة إلى موعدِ تأجيلٍ جديدٍ.
الموقف الملتبس الذي صدرَ عن الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله الجمعة حين ألمح إلى أنّ كتلة “الوفاء للمقاومة” ستتخذ موقفها من الاستشارات والإسم المختار نهار الاثنين، أفصحَ عن وجود حالةٍ من الضياع والترقب على صعيد الكتل النيابية، التي لا يبدو أنها حسمت موقفها تجاه “اثنين الحسم”، ما يزيد من نسب الاعتقاد حول مصير هذا الشوط.
عواملٌ عدة ترفع من قيمة هذه الظنون، من بينها ارتفاع مستوى التوتر بين قصر بعبدا وبيت الوسط وطبعًا ميرنا الشالوحي، بعد القرار الذي اتخذه رئيس تكتل “لبنان القوي” الوزير جبران باسيل باستبعاد مشاركته في حكومة يرأسها سعد الحريري مهما كان شكلها، وإعلان السيد نصرالله الجمعة، أنه “حتى هذه اللحظة لم يتم التوافق على أي إسم” وهذا مؤشرٌ سلبيٌ يدفع إلى الاعتقاد، أنّ “جولة الاثنين” لن تكون سهلة.
هذا الهرجُ والمرجُ، استتبع بعمليات تشنج ومواجهة دارت في رحاب القضاء وخارجه بين التيارين الأزرق والبرتقالي، معطوفًا على الكلام عالي النبرة الذي اورده باسيل خلال مؤتمره الصحفي والتعقيب الذي جاء عليه من قبل مصادر بيت الوسط والذي لم يكن أقل وتيرة.
الثابت حتى الآن، أن أيًا من فرضيات حكومات المواجهة غير مدمغة في أذهان الثنائي الشيعي كما أعلن “السيد حسن”، الذي عبّرَ عن رفضه وحركة أمل حكومة اللون الواحد مقابل “الإصرار على مشاركة تيار المستقبل والتيار الوطني الحر”، معلنًا القبول في خيارين لا ثالثَ لهما: إما عودة سعد الحريري ضمن ظروف ناضجة أو الذهاب إلى تسمية شخص آخر من قبله، في عودة إلى سيناريو رفع وإسقاط الاسماء.
ثمة من يعتقد، أن الحريري بات رئيسًا مكلفًا على الاصابع بالاعتماد على حسابات الارقام، لكنه يحتاج إلى تأمين هذا “السكور” ورقيًا حتى يصبح مكلف رسميًا، وهذا يبدو عائقًا إزاء تمسك رئيس الجمهورية برفض لقاء الحريري كرئيس مرشح للتكليف أو كرئيس حكومة تصريف أعمال، ولم يعرف إذا كان ذلك ينطبق على لقائه كرئيس مكلف في حالة حصول الاستشارات! وهذه سابقة في تاريخ العلاقة بين رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومة.
طبعًا، ثمة من يجد تفسيرًا لذلك، يبدأ من سيناريو إسقاط الحلول وهو التكتيك الذي استخدمه الحريري لـ”زرك” رئيس الجمهورية، ثم إعلان تسمية الرئيس المكلف من دار الفتوى، الأسلوب الذي يعتبر الرئيس أنه “تجاوز فاضح للدستور”، قضى على دوره في تأمين عبور رئيس الحكومة المكلف، لا بل يجد أنّه لم يكن هناك من داعٍ لكل هذه “القصة” وإبتكار الرؤساء الوكلاء ما دام الحريري يريد العودة إلى السراي.
ويبدو واضحًا، أنّ رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، يتخذان من قضية تسمية الحريري من دار الفتوى ذريعة للغضب، وربما تطيير نصاب الاستشارات الى موعدٍ يحدد لاحقًا، أو أقله، عدم منح الحريري ورقة التسمية بهدوء، وهو الخيار الذي بدأت تلاوينه بالتسرب نقلاً عن مجالس سياسية.
هذا الجو كان قد عبّرَ عنه صراحةً خلال زيارة مفاجئة لمعاون بارز لرئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، زارَ قصر بعبدا بعيدًا من الاعلام، وذلك خلال فترة سريان الانباء عن عزم باسيل العزوف عن المشاركة في الحكومة.
وكانت مهمة المبعوث محاولة إقناع رئيس الجمهورية القيام بدفعٍ لإجبار باسيل للعدول عن فكرة العزوف لقاء إفساح المجال أمام مباحثات “هادئة” تجري بينه وبين الرئيس الحريري، وذلك على إمتداد الفترة الفاصلة عن نهار الاثنين، لكن رئيس الجمهورية أسمع زائره كلامًا ثقيلاً ورده خائبًا بعد تحميله رسالة “سلبية جدًا” إلى الحريري.
وخلال الساعات الماضية، سُرِّبَ عن أكثر من مجلس، وجود أجواء توحي بإمكانية تطيير نصاب الاستشارات عبر إعتماد تكتيكات تتراوح بين توزيع النواب على غائب وعزوف آخرين عن تسمية شخصية تكليف تشكيل الحكومة وهذا يستدعي إعادة تعيين موعد آخر للاستشارات يتراوح بين إسبوع وأكثر وذلك تبعًا لورشة الاتصالات التي ستبدأ على أطلاله!
هذا الاجراء، يجد فيه البعض نوعًا مواربًا من انواع تأجيل الاستشارات “بحنكة” عبر تأمين ذريعة مناسبة، دستورية الطابع، تكفل هذا التأخير ولا تتيح للراغبين في نقد العهد بابًا من أجل ذلك.
ويفترض، أن تبدأ الاجواء بالتأمين حيال توقع حدوث ذلك من عدمه خلال عطلة نهاية الأسبوع الجاري التي يتوقع أن يتمخض عنها جوٌ واضحٌ، رغم أن أكثر من طرف سياسي معني بالمشاورات، يجد مصلحة في قذف الاستشارات اسبوعًا كاملاً عله يستطيع أن يؤمن من خلالها موقفًا مختلفًا عن التيار الوطني الحر يقود أولاً إلى تكليف الحريري “برقم مريح” وثانيًا قد يحدث فجوات في الجدار الحكومي.