العراق بعد الشّــــهــــداء… بين الفتنة والحرية!
(حسين عبّاس – ٦ كانون الثاني ٢٠٢٠)
أربعة أيام مضت على عملية استهداف قائد فيلق القدس “قاسم سليماني” ونائب رئيس الحشد الشعبي “أبو مهدي المهندس” ومن معهما. أيام كانت كفيلة لترسم ملامح المرحلة المقبلة والتي ستشهد صراعًا مباشرًا انتظرته شعوب المنطقة لسنوات، ليأتي اليوم نتيجة حماقة أصلها عنجهية دفينة في رجل سُلطوي مغرور يخال نفسه الأقوى في العالم.
رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “دونلد ترمب” أضرم النار في فتيل المواجهة مع محور المقاومة، ليبدأ بتلقي الضربات واحدة تلو الأخرى وهو يترقب عن بعد ردّة فعل “إيران” وحلفائها، مطلقًا تهديداته بردٍ على الردّ، علّه ينجو من عقاب ما جنته حماقته. أولى الضربات بدأت أمس، وتحديدًا من داخل مجلس النواب العراقي حيث سجّل 172 نائبًا موقفًا واضحًا من الوجود الأمريكي على أرض العراق، ليصوتوا بأغلبهم على 6 بنود في قرار واحد، عنوانه الأساسي: “تحرير البلاد من الأمريكيين”.
القرار الذي حظي بأصوات نواب القوى “الشيعية”، غاب عن جلسة إقراره نوّاب القوى “السنية” و”الكردية”، في مشهد قد يتمكّن من تحويل مسار قضية وطنية تهدف إلى استقلال البلاد التام، إلى صراع داخلي طائفي أو مذهبي، بين فريقين اختار أحدهم الوقوف مع محور الشر ضد محور المقاومة.
هذا الإنقسام الذي ظهر جليًا بالأمس في جلسة مجلس النواب العراقي، بدأ استثماره من قبل عدد من المخبرين المخربين الموكلين مهام بث الشائعات والتبليغ عن معلومات قد تؤدي إلى اقتتال داخلي، يَنتظر أصلًا من يفجره بعد أشهر من غليانه على نار “الجوكر الأمريكي” الذي يعمل باحتراف على تحريف مسار المظاهرات الشعبية المطلبية. فقد بدأت بالأمس عملية ممنهجة لبث الشائعات على مواقع التواصل الإجتماعي عبر تسجيلات صوتية ومقاطع استفزازية تحرّض فئة على أخرى. لم يكتفي المخربون بهذا الحد، بل لجأوا إلى استهداف منازل الأبرياء قرب السفارة الأمريكية في بغداد بعدد من الصواريخ الموجّهة، في محاولة لتحميل فصائل المقاومة مسؤولية هذا الفعل الذي قد يؤدي إلى زعزعة العلاقة بين المقاومة وشعبها.
من المؤكد اليوم، أن الصراع الداخلي بين قوى البلد الواحد يؤثر حتمًا على صمود العراق، وهذا ما يتمنّاه الأمريكي في ظل التهديدات التي تلقّاها جيشه بالأمس على لسان أمين عام حزب الله السيد “حسن نصرالله” ومن استجاب لخطابه كزعيم التيار الصدري “مقتدى الصدر” وعدد كبير من حركات المقاومة في المنطقة والتي دعت إلى دحر “الإحتلال الأمريكي” من المنطقة بطريقة مذلّة وفق المعادلة التي طرحها “نصرالله” ولاقت استحبابًا عالميًا على مواقع التواصل الإجتماعي تحت عنوان: (عامودي ـ أفقي).
العراق الذي يشكل غنيمة استراتيجية بعيدة الأمد لدولة الإستبداد الأمريكية، أمام مرحلة من مواجهتين، الأولى مع عدوهم المباشر والمختبئ في قواعده المحصّنة، والثانية مع العملاء والمخربين المختبئين خلف منصّات مواقع التواصل الإجتماعي، إلا أنّ نتيجة المواجهتين حقيقة واحدة لا جدل فيها: من يملك عزيمة الثأر لشهدائه القادة، سيربح الحرب في القريب العاجل.