الرد لا يغير قواعد الاشتباك وعلى وقع الانتخابات

د. شريف نورالدين بتاربخ: ١ / ٨ / ٢٠٢٤

الرد لا يغير قواعد الاشتباك وعلى وقع الانتخابات

يأتي الرد على الرد ضمن قواعد الاشتباك والتي تم الاعلان عنها منذ اليوم الاول المدني بالمدني، بنية تحتية مقابل بنية تحتية، هدف عسكري يقابله اهداف عسكرية، جغرافية ضمن حدودها، أي بمعنى مدينة في اطار مدينة (بيروت تل أبيب) وعلى هذا النحو، وهذا ما يحصل حتى…

ليست المرة الاولى تقصف بيروت وقد سبق ذلك منذ بداية الحرب اغتيال العاروري في قلب الضاحية لعاصمة لبنان، وما أقدم عليه الكيان من اغتيال للقيادي فؤاد شكر يقع ضمن قواعد الاشتباك من حيث موقعه الجهادي الاستراتيجي للمقاومة ومن ضمن الاهداف العسكرية على لائحة الاستخبارات الاميركية الاسرائيلية ومنذ عقود، أما التوقيت في تحديد مكانه ياتي في سياق العمل الستخباراتي المنسق بين الكيان والامريكي وهو الذي وضع منذ عقود جائزة عليه ولو استطاع الوصول اليه قبل الان لما تردد في اغتياله،أما الان حيث تم تحديد الهدف باستخدام القوة الجبارة للتكنولوجيا وبالخصوص الذكاء الاصطناعي والتي سخرته اميركا واوروبا للكيان مع قدرته الكبيرة وامكانياته الهائلة في تطويره ضمن قدراته الامنية العسكرية، ولا شك العمل الاستخباراتي في الفضاء والبر والبحر وعلى الارض حيث متناول الشرق والغرب ودول عربية وخليجية متعاونة بشكل كبير وتتقدم عليهم لحسابات ومصالح وعداء لايران ومحورها، وهذا ما اكدته عملية اغتيال عماد مغنية سابقا، ان ما يحصل هو رد برد قبل غزة وخضم المواجهة الدائرة في مساندة غزة….

لذا الرد المقاوم من لبنان قد تم رسمه مسبقا وياتي في ذات المشهد والصورة، لم يتبدل شيء، لذا الرد ياتي في طبيعته الحالية الانية، القائمة على توازن الردع والذي تجاوزه الى مرحلة توازن الرعب وهذا ما نشهده اليوم في عمليات الاغتيال المحسوبة والمدروسة بدقة من قبل اطراف الصراع.
من هنا خطاب سماحة السيد نصرالله سيرفع سقف المواجهة في التكتيك والاسلوب وليس في المضمون، مع دفعه لتهديدات موسعة من حيث الاهداف والمكان، وهي لا تخرج عن القواعد الغير مباشرة المتبعة، وهذا تحصيل حاصل وما يحصل حتى الان….

اما عملية اغتيال هنية في قلب عاصمة ايران طهران له حسابات مختلفة عند الاميركي بالخصوص والاسرائيلي ، والتي تأتي في سياق المواجهة الاقليمية الدولية وتعاظم قوة ايران العسكرية وقنبلتها النووية، ودورها المركزي في الصراع الاقليمي الدولي من اوكرانيا الى سوريا وحرب اليمن ودعم العراق وبالذات لبنان، وما تحضره في خفايا وزوايا الاروقة السياسية من علاقات استراتيجية دولية روسية صينية ومجالها الحيوي الجغرافي الخليجي الاسيوي الافريقي وما تحضره في الستر والعلن لمقاومات مستحدثة غير مألوفة من حيث المكان والاسلوب والامكان وتحديد الزمان، لذا اسرائيل وجهت رسالتها للايراني مسبقا ان لا احد في مأمن على ارضك ان كان ضيفا او مقيما، باعتبار ايران رأس الحربة في الصراع مع الكيان والاميركي في الشرق الاوسط.

لذا اغتيال هنية على ارض ايران ، كان المقصود منه دولة ايران وقوتها وتمركزها ودورها المحوري.
من هنا سيكون الرد الايراني منفردا ضمن حسابات مختلفة عن وحسابات وحدة الساحات، كي يفشل مخطط نتنياهو وحكومته المتطرفة في جر ايران الى مواجهة مباشرة مع الاميركي ومحوره الاوروبي الخليجي العربي وغيره…

ومن الطبيعي بما تمتلك ايران من تجربة وحنكة سياسية كبيرة على مدى عقود، قد تجاوزت من خلالها اصعب الظروف، ومع تعاظم قوتها وضعها في رأس المواجهة وهو مشروعها العقائدي الايديولوجي قبل كل شيء اتجاه فلسطين وقضيتها، وياتي بعدها دورها في لعبة الامم على المسرح السياسي العالمي.

لذا الاميركي هدفه في مواجهة ايران الحد من قوتها ودورها واحباط مشروعها الاستراتيجي، والاسرائيلي لتجاوز رعب قنبلتها النووية وتعاظم قوة محورها…

من هنا سيكون رد ايران ايضا في سياق مبدئي عقائدي جوهريا وسياسي ظاهريا مع ما تحدده هوية المرحلة الانية وبالخصوص على وقع الانتخابات الاميركية، وهذا طبيعي جدا ان تتعامل ايران وفق حساباتها وضمان امن مجالها الحيوي والذي تخطى حدودها وجغرافيتها حيث تواجد ومحورها ليشمل كل منطقة الشرق الاوسط…

ايران سترد؟ نعم سترد كما ردت سابقا بل بشكل أقصى لان ما حصل في استهدافها على ارض سوريا يختلف كثيرا من استهداف اراضيها بشكل مباشر، لدفع الاهانة عنها وحفظ ماء وجهها وكرامتها وعزتها واعادة تموضعها وترتيب اولوياتها لمرحلة معقدة قائمة، لكن على قاعدة “درء المفاسد أولى من جلب المصالح”.

ولا شك ان لمصلحة ايران ان ياتي ردها على وتر انتخابات اميركا، حيث لا تستطيع ان تقدم خدمات لفوز ترامب وهناك ثأر كبير معه بشكل شخصي في قضية اغتيال سليماني، لذا ايران تتمايل على انغام الانتخابات وتلعب على النوتات لتعدل اللحن وموسيقاه، حيث يتناغم مع مسمعها ويلطف اجوائها وتلكز من اساء اليها وتلعب على خط النار الحامية في انتخابات كيفما جرت واتت اكلها ونتائجها ستكون دامية(خسارة ترامب ازمة داخلية وفوزه مصيبة عالمية) من خلال ذلك يحسبها الايراني وياتي رده بعيد عن الانفعال والتفاني، حيث لا زالت في البداية وليست النهاية، والمطلوب الحكمة والحذر في الاقوال والافعال وهذا ديدنها والصبر الاستراتيجي صبرا تجاوز الصبر كله…

أما اليمن سيكون دوره في الرد وسطي بين رد ايران ولبنان، في عملية دعم والهاء حتي ياتي رده في ميناء ردا على ميناء (الحديدة)، لذا ستتوزع الادوار بين حيفا وتل ابيب وعكا بشكل رئيسي، لكن مع رسم مشهد موسع لقواعد الاشتباك…

انها القاعدة القائمة الثابتة حتى حين مع توازن ردع ورعب دائمين وتطور جديد شاذ يدخل على القاعدة الاساس بعد تجاوز الكيان خطوط الحمر والرسم والبيان في ضرب ايران دون الاعلان، وان من عليها ليس في أمن ومأمن وأمان، لذا الرد على قاعدة الامن بالامن والعين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم…

Exit mobile version