عربي بوست
ترجمة
16/03/2020
خطوات حكومية لمواجهة كورونا
توصل باحثون كنديون بعد أبحاث أجروها على إحصائيات حالات الإصابة بفيروس كورونا في مصر، إلى أنه من المرجَّح أن البلاد تواجه معدلاتٍ لإصابات فيروس كورونا تفوق ما تشير إليه الإحصاءات الرسمية.
ووفقاً لبيانات وزارة الصحة وتقارير إخبارية، فإن 97 مواطناً أجنبياً زار مصر على الأقل منذ منتصف فبراير/شباط 2020، قد ظهرت عليه أعراض أو أثبتت الفحوصات إصابته بكوفيد-19 عند عودته إلى وطنه. وقد أمضى معظمهم وقتاً في جولات بحرية في نهر النيل يعتقد الخبراء أنها مصدر تفشِّي الفيروس في محافظة الأقصر بصعيد البلاد، وهي مزار سياحي شهير، حسب تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
عدد الضحايا كارثي
من جانبهم، فإن اختصاصيين بالأمراض المعدية من جامعة تورونتو الكندية قد درسوا التضارب بين معدلات الإصابة الرسمية والمرجَّحة في أماكن مثل إيران، ونشروا تصوُّراً سوداوياً عن الانتشار المحتمل للفيروس في مصر.
إذ قالوا: “بحسب التقدير المتحفظ لنسبة الإصابة كوفيد-2019، حيث تُقصى الحالات المرتبطة والغامضة، قدَّرنا وصول حجم التفشِّي في مصر إلى 19310 حالات”، باستعمال مزيج من بيانات الرحلات الجوية وبيانات المسافرين ومعدلات الإصابة. وتابعوا: “من المرجَّح أن مصر تشهد عدداً كبيراً من حالات الإصابة بكوفيد-2019 لم يُبلغ عنها، وقد يساعد تعزيز قدرات الرعاية السريرية بالصحة العامة على التعرف إلى الحالات والتعامل معها”.
استعان العلماء ببيانات من أوائل مارس/آذار الحالي حين كانت هناك ثلاث حالات للإصابة بالفيروس وفقاً للمسؤولين المصريين، مما يعني أن الأرقام الآن غالباً أعلى بكثير. ولم يستجب خالد مجاهد، المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية، لطلب الصحيفة التعقيب على هذا.
بيانات المسؤولين في مصر عن كورونا
المسؤولون المصريون قالوا إن 100 مواطن أجنبي ومصري آخر قد أثبتت الفحوصات إصابتهم بفيروس كورونا منذ منتصف فبراير/شباط الماضي، كان من بينهم امرأة في الـ 60 من عمرها أُعلن عن وفاتها يوم الخميس 12 مارس/آذار، بمدينة المنصورة على دلتا النيل، التي تبعد عن الأقصر بمسافة 750 كلم تقريباً.
تُعد أولى حالات الوفاة في مصر إبان الوباء الحالي، وقد جاءت وفاتها عقب أسبوعٍ من إخراج المسؤولين 45 راكباً من مركب Asara للرحلات البحرية، ثم وضعهم بحجر صحي في الأقصر. وقد غادر نحو 82 راكباً الحجر الصحي على متن المركب وعادوا إلى ديارهم بعد بضعة أيام، بعد أن سافر مسؤولون من وزارة الصحة المصرية جواً إلى الأقصر لفحص 558 شخصاً آخر، ولم تبيِّن الفحوصات إصابة أي منهم بالفيروس. وأضاف المسؤولون أن 27 شخصاً شُخِّصوا من قبل بالفيروس ثبت تعافيهم منه عند إعادة الفحوصات.
أهمية السياحة للدخل القومي لمصر
تُعد السياحة من الأركان الأساسية للاقتصاد المصري، وقد أصرَّ المسؤولون على عدم تعطيلها، مؤكدين أن المواقع السياحية مثل الأقصر لا تزال مفتوحةً حتى في ظل حظر الدولة التجمعات الجماهيرية الكبرى وغلق أبواب المدارس للتلاميذ. بالإضافة إلى أن الجيش المصري قد أعلن عن تدابير جديدة، من ضمنها الاستعانة بإدارة الأسلحة الكيميائية لإجراء الفحوصات. لكن يخشى المتابعون أن إجراءات الطوارئ المصرية قد جاءت متأخرةً، بعد عدد محدود من الفحوصات، وتكتُّم على إحصاءات الإصابة بالعدوى ومواقع التفشِّي، واحتمال اتخاذ إجراءات قانونية ضد أي أحدٍ يُعتبر “مروجاً لشائعات أو أخبار كاذبة” عن المرض.
هذا وقد صرَّح رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قائلاً: “نعلن عن كل شيء بشفافية تامة”. مع ذلك فقد أثبت مركز مكافحة الأمراض في تايوان بطلان تصريحات وزارة الصحة المصرية بأن امرأة تايوانية على متن مركب Asara كانت مصدر العدوى في الأقصر خلال أواخر فبراير/شباط الماضي. وأوضح المركز بدلاً من ذلك أن التحاليل قد أثبتت أن سلالة الفيروس التي التقطتها تعني أنها قد أُصيبت بها أثناء تواجدها في مصر.
أزمة في فحص المصابين
يذكر أن أغلبية الشعب المصري من الشباب، أي أن أعراض كوفيد-19 الجادة لن تظهر إلا على نسبة قليلة منهم. فيما قال الكثيرون سراً إنهم يحبذون عزل أنفسهم ذاتياً في حال التقاطهم الفيروس، رافضين الخضوع لحكومة وضعت المصابين بحجر صحي في منطقة نائية قريبة من الحدود الليبية، وسبق أن احتجزت أطباء في الماضي.
فيما أوضح طبيب بأحد مستشفيات المطرية طلب عدم ذكر اسمه أنه “حتى الآن، عملية الفحص مركزية جداً. وهي مبنية على سيناريو يعتمد على ارتياب شخصٍ ما بمرضه، ومن ثم يذهب إلى أماكن معينة”.
بينما رفض طبيبان في الأقصر فكرة أن يكونوا قد أغفلوا عدداً من الحالات، رغم رحيل السياح عن المدينة وإبلاغهم عن ظهور أعراض عليهم عند عودتهم إلى أوطانهم.
قال طبيبٌ، فحص الركاب على متن السفينة Asara الجمعة الماضية الـ13 من مارس/آذار 2020، وقال إنّ اسمه بكري: “لا تُوجد دولةٌ في العالم تستطيع فحص السكان بالكامل”. لكن الأمثلة المُتوافرة من مختلف أنحاء العالم تُظهِر أنّ إجراء الاختبارات على نطاقٍ واسع هو أمرٌ ضروري لفهم ومكافحة الفيروس شديد العدوى.
أردف: “هناك بعض الأعراض والإرشادات المُتعلقة بأعداد وهوية من يجب اختبارهم”، مُضيفاً أنّ هناك تسع سفن رحلات إضافية جرى اختبارها -بخلاف Asara- في السادس من مارس/آذار 2020. وتوفي سائحٌ ألماني كان على متن السفينة Hapi 5 Nile بعد يومين من نقله من الأقصر إلى مستشفى في الغردقة. في حين أُجرِيَت الاختبارات للركاب الآخرين الخاضعين للحجر الصحي على متن السفينة، وخرجت بنتائج سلبية، واستمرت الرحلة.
في حين قال إسلام عسيري، الجراح في مستشفى الأقصر الدولي: “لم نشهد وصول أشخاصٍ يُعانون من الأعراض إلى المستشفى. ولا تبدو الأوضاع هنا مثل الصين، حيث يتساقط الناس في الشوارع”. وأكّد على أنّه يعتبر الأرقام الرسمية جديرةً بالثقة، وينظر إلى الصدق باعتباره عملاً وطنياً. ولكنّه قال رغم ذلك إنّ “مشاركة المعلومات تُعتبر أحياناً عملاً سياسياً، لأنّه يتعلّق بالدخل الذي يأتي من السياحة. لذا فإنّ حكومتنا، وكافة الجهات المعنية، تتعامل بحذرٍ شديد”.
اما شربيني، العامل في أحد فنادق الأقصر، قال إنّ المسؤولين وصلوا إلى محل عمله في السادسة من صباح التاسع من مارس/آذار 2020 لإجراء الاختبارات. وأضاف: “دخل الفريق الطبي مرتدياً زياً وأقنعةً واقية كاملة، وأخذ عينات من الدم. وكان بصحبتهم بعض رجال الشرطة بملابس مدنية”، مما يعني أنّ رجال الأمن الذين يتنقّلون عادةً حول المدينة يعملون دون وقاية.
خطوات حكومية لمواجهة كورونا
يصل تعداد سكان مصر إلى 100 مليون نسمة، ويعيش 95% على مساحة 5% فقط من أراضي البلاد، مما يُمثّل تحدّياً لممارسة التباعد الاجتماعي. واتّخذت الحكومة خطواتها للتعامل مع المشكلة مثل: تقليص أوقات الصلاة، وتخصيص تمويل بقيمة 6.38 مليار دولار من أجل مكافحة “تداعيات الفيروس”. لكن الحكومة سعت كذلك للتحكُّم في الرواية السائدة، حتى في ظل حظر البلدان المُجاورة دخول المُسافرين من مصر.
الى ذلك فقد شكّك الأطباء والصيادلة الذين تحدّثت إليهم صحيفة Guardian البريطانية في جاهزية منظومة الرعاية الصحية العامة بمصر للتعامل مع تأثير كوفيد-19. وأضاف الصيادلة، الذين يُعتبرون الخيار الأول للاستشارات الطبية لدى العديد من المصريين، إنّ الكثيرين يخشون تشخيصهم بالمرض.
إذ قال أحد الصيادلة العاملين في القاهرة، والذي رفض ذكر اسمه: “شهدت عدداً من الحالات حيث يأتي الناس بأعراض البرد، ويخشون القول إنّهم يشتبهون في كونه فيروس كورونا. ونظراً لعدم وجود دليل أو معلومات من السلطات حيال ما يجب فعله إذا كُنت قريباً من شخصٍ تبدو عليه الأعراض؛ يتناول الكثيرون جرعات من المضادات الحيوية حتى يصيروا على ما يُرام لبضعة أيام. ثم يعودون إلى المرض من جديد”.