“ليبانون ديبايت”
فادي عيد
طغى الإستنفار المعلن داخل مجلس الوزراء تحضيراً لاستحقاق التاسع من آذار المقبل، موعد تسديد مليار و200 مليون دولاراً أميركياً لسندات “اليوروبوندز”، على ما عداه من استحقاقات سياسية وغير سياسية داهمة أو مؤجلة، إذ كشفت مصادر مالية مطّلعة، عن ضبابية لافتة، وعن عدم اكتمال المشهد على صعيد القرار الرسمي بالدفع أو بالإمتناع أو بالتأجيل، تزامناً مع إعداد روزنامة جديدة يلتزم بها لبنان بالتنسيق والتعاون مع الهيئات الدائنة وصندوق النقد الدولي.
ولفتت إلى أن أسباب عدم إنجاز الرؤية الخاصة بهذا الإستحقاق خلال كل الإجتماعات المعلنة والسرية التي جرت في الأيام العشرة الماضية، تتصل بالطابع السياسي الذي بات يسيطر على عملية سداد الدين، ذلك أن الإمتناع عن الدفع سيرتّب تداعيات خطيرة على الصعيد الداخلي بسبب انعكاس هذا الأمر على الودائع بشكل مباشر، حيث أن موجودات المصارف من السندات سوف تنهار بعدما كانت تراجعت بنسبة خمسين في المئة.
في المقابل، فإن سداد الدين سيؤدي إلى نقص السيولة في الداخل، مما سيرتّب تداعيات سلبية على المستويين السياسي والإقتصادي، أبرزها زعزعة التوازن الإجتماعي .
وقالت هذه المصادر، أن التأخير اللافت في مقاربة عملية سداد الدين، والتي كان من المفترض أن تحصل في حكومة الرئيس سعد الحريري، قد زاد من خطورة الأوضاع المالية والإقتصادية، بحيث لم يعد من الممكن اللجوء إلى مروحة خيارات على هذا الصعيد، بل أن الحكومة تقف على مشارف انهيار مالي بدأت تضجّ أصداؤه في الأسواق المالية المحلية، خصوصاً وأن غياب الوضوح يزيد من سوداوية المشهد.
ومن ضمن هذا السياق، أشارت المصادر نفسها، إلى أن التباين في الآراء السياسية إزاء القرار المرتقب، وعدم القدرة على استشراف الموقف الدولي من أي قرار لبناني، لا يلغي وجود احتمال بأن تقوم المؤسّسات الدولية بإلزام لبنان بدفع كل الديون المستحقة دفعة واحدة وهي تبلغ 30 مليار دولار، مما يجعل من الإجراءات المرتقبة مسؤولية سياسية مشتركة على الرئاسات الثلاث.
ومن هنا، اعتبرت المصادر المالية المطلعة نفسها، أن الدعم التقني من صندوق النقد الدولي يشكل خطوة جيدة، إذ أن المشورة لا تعني الخضوع للصندوق، ولكنها أكدت أن هذه المساعدة لا تطال القرار بالدفع أو السندات لأنه قرار لبناني، وبالتالي، فإن المساعدة تتركّز حول كيفية وضع خطة إنقاذية تساهم في إعادة هيكلة الدين العام، من دون الدخول في تفاصيل حصول لبنان على دعم مالي، قد يكون مشروطاً بإجراءات قاسية لن يتحمّلها اللبنانيون، وربما تعيد اشتعال الإنتفاضة الشعبية رفضاً لها.
وفي الوقت الذي رأت فيه هذه المصادر، أن دفعة آذار متوافرة ولكن الدفعات اللاحقة غير متوافرة، وجدت أن تمرير استحقاق آذار، قد يكون القرار الأكثر حكمة اليوم، ولكن شرط أن تنطلق المفاوضات فوراً مع الدائنين من أجل إعادة هيكلة الدين، علماً أن السداد سوف يشمل فقط سندات “اليوروبوندز” التي يحملها المستثمرون الأجانب فقط، وبذلك، تكون الحكومة قادرة على الإفادة من المهلة الزمنية الفاصلة عن موعد الإستحقاق الثاني من أجل إنجاز خطة إعادة الهيكلة للدين العام✔